يبدو أن مشهد محاكمة مغنيي الراب في المغرب لم يعد استثناءً، بل أصبح ظاهرة تتكرر بين الحين والآخر.
فبعدما عاش الجمهور المغربي على وقع قضية مغني الراب "الغراندي طوطو"، الذي وجد نفسه أمام القضاء بسبب تصريحات مثيرة للجدل، ها هو إيهاب إقبال، المعروف بـ"حليوة"، يدخل الدوامة نفسها، ليواجه تهمة "بث وتوزيع تركيبة سمعية بصرية تتضمن عبارات مشينة" عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
قرار النيابة العامة بالدار البيضاء متابعة "حليوة" في حالة سراح مقابل كفالة 5000 درهم أثار جدلا واسعا بين مؤيد يرى أن القانون يجب أن يكون صارما اتجاه أي محتوى قد يُعتبر مسيئا، وبين معارض يعتبر أن محاكمة مغنيي الراب تقييد لحرية التعبير والإبداع.
ومنذ ظهوره على الساحة عام 2013، قدم "حليوة" لونا موسيقيا حادا يعكس واقع الشارع المغربي، تماما كما فعل "الغراندي طوطو"، الذي اعتمد على أسلوب جريء جعله واحدا من أكثر الفنانين إثارة للجدل.
وبينما يرى البعض أن كلمات أغانيهما تعبر عن واقع معاش، يرى آخرون أن بعض المحتوى قد يتجاوز الخطوط الحمراء.
لكن السؤال الحقيقي هو: هل يمكن للراب أن يكون صوتا حرا دون أن يعرض أصحابه للمساءلة القانونية؟ أم أن القانون يجب أن يكون حاضرا لضبط الحدود بين الفن والإساءة؟
ومن المنتظر أن تبدأ محاكمة "حليوة" في مارس المقبل، وهو ما يعيد للأذهان أجواء محاكمة "الغراندي طوطو". فهل سيواجه المصير نفسه؟ أم أن القضاء سيأخذ بعين الاعتبار طبيعة موسيقى الراب كمجال قائم على التحدي والتمرد؟
في النهاية، سواء أكان "حليوة" أو "الغراندي طوطو"، فإن الراب المغربي اليوم يواجه اختبارا حقيقيا بين الحرية والرقابة، وبين التعبير والمساءلة، وبين الإبداع والخطوط الحمراء.


