نبيلة بنجدية
المشهد اليوم من مستشفى الرازي للأمراض النفسية في برشيد.
صرح صحي كان يستقبل الحالات المعقدة من مختلف جهات المغرب.
مستشفى حمل لعقود مهمة "العلاج النفسي" لآلاف المرضى، لكنه أصبح اليوم شبه مهجور، تتحكم فيه الأعطاب، والخصاص، والانهيار الإداري، فيما تتجول بعض الحالات العقلية الحرجة في شوارع المدينة، في مشهد يختزل مأساة صامتة.
يقول عبد العالي، سائق طاكسي خمسيني:
"في شارع الحسن الثاني وحده، تانشوف تقريبا كل نهار مرضى تيهضرو مع راسهم، بعضهم تيكون عدواني... وكنخافو على ولادنا خصوصا فالصباح بكري".
يعاني مستشفى الرازي من شلل شبه تام، إذ توقفت معظم الخدمات الطبية الأساسية، واستقال عدد مهم من الأطباء والممرضين، في ظل أعطاب مستمرة في التجهيزات وغياب أي تدخل فعال من وزارة الصحة. الوضع أجبر العديد من العائلات إلى اللجوء إلى مصحات خاصة باهظة، أو ترك مرضاهم في المنزل دون رعاية.
في دجنبر 2024، أعلن عن مشروع إعادة بناء شامل للمستشفى على مساحة 7.7 هكتار، بغلاف مالي قدره 342 مليون درهم، في إطار إصلاح المنظومة النفسية والعقلية. المشروع الجديد يعد بمستشفى متكامل بسعة 300 سرير، مع قسم لطب الأطفال النفسي، منصة طوارئ، فضاءات ثقافية وروحية، وموقف يتسع لـ400 سيارة.
لكن إلى حدود يونيو 2025، لا زال الورش في مراحله الأولى، دون أي بلاغ رسمي حول موعد الانتهاء أو بدء استقبال المرضى، غياب خدمات المستشفى خلق مشكلا مجتمعيا.
فالمختلون عقليا ممن كانوا يخضعون للمراقبة الطبية، باتوا اليوم جزءا من الفضاء العمومي..
زهرة، أم لطفلين، تقول بانزعاج:
"بنتي ما بقاتش باغية تدوز من الشارع الكبير، قالت ليا أن مريض كيهدد الناس بالحجر... ماشي معقول مدينة كاملة بلا مستشفى نفسي يجمع هاد المرضى."
الوضع لا يقف عند الخوف، بل يتطور أحيانا إلى اعتداءات، فالمدينة تعاني "فراغا خطيرا" في التعاطي مع قضايا الصحة النفسية، خاصة في ظل تنامي الاضطرابات النفسية بالمجتمع.
من المفترض أن يشكل المشروع الجديد لمستشفى الرازي نقلة نوعية في العلاج النفسي على المستوى الوطني، لكن الواقع اليومي لسكان برشيد يفرض حلولا عاجلة. فبين مستشفى معطل، وورش مؤجل، ومرضى يتجولون دون علاج، تبقى المدينة في حاجة إلى أكثر من حجر أساس... إلى كرامة إنسانية وصحة نفسية محترمة.